اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 572
الدنية الدنياوية لذلك يباهون ويفتخرون بها ويتفوقون على من دونهم لأجلها بَلْ ما هذا الا استدراج منا إياهم وامهال لهم كي يحصلوا اسباب أشد العذاب وأسوأ العقاب ويستحقوا بواسطتها أسفل دركات النيران وهم لا يَشْعُرُونَ الاستدراج من الكرامة فحملوا عليها وباهوا فسيعلمون مصيرهم ومنقلبهم الى اين.
ثم قال سبحانه إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ خائفون حذرون محترزون
وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ النازلة على رسله يُؤْمِنُونَ يصدقون ويذعنون
وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ بحال بل يستقلون سبحانه بالوجود ولا يثبتون لغيره وجودا ولا يسندون الحوادث الكائنة الى الأسباب العادية مطلقا بل يسندون كلها الى الله أولا وبالذات
وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا من الأعمال الصالحات وانواع الخيرات والصدقات ومطلق الحسنات وَقُلُوبُهُمْ في حال إتيانها وَجِلَةٌ خائفة مستوحشة بسبب أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ بهذه الأعمال والحسنات هل يقبل منهم او يرد عليهم وهم دائما بين الخوف والرجاء خائفون عن قهره راجون من لطفه
أُولئِكَ السعداء المحسنون الأدب مع الله المخلصون في أعمالهم يُسارِعُونَ يبادرون ويرغبون فِي الْخَيْراتِ وانواع الطاعات والعبادات وعموم الحسنات راجين بها انواع الكرامات والمثوبات من الله وَبالجملة هُمْ في عموم أوقاتهم وحالاتهم لَها سابِقُونَ ساعون سارعون ولمثل هذا فليعمل العاملون
وَاعلموا ايها المكلفون بأنواع التكاليف المصفية لظواهركم وبواطنكم لا نُكَلِّفُ ولا نحمل نَفْساً إِلَّا وُسْعَها ومقدار طاقتها حسب استعداداتهم الفطرية وقابلياتهم الجبلية وكيف نكلفهم بما لا طاقة لهم وَلَدَيْنا كِتابٌ جامع لجميع ما حدث وكان ويحدث ويكون الا وهو لوح قضائنا الشامل وحضرة علمنا المحيط ولا شك انه يَنْطِقُ بِالْحَقِّ السوى الصحيح الثابت المعتدل المطابق للواقع بلا افراط وتفريط وَبالجملة هُمْ لا يُظْلَمُونَ بحال لا بزيادة العذاب ولا بنقصان الثواب بل كل منهم مجزيون بمقتضى ما ثبت فيه والكفار من غاية انهماكهم في الغفلة والضلال منكرون لكتابنا الجامع لجميع الكوائن والفواسد الناطق بالحق الواقع
بَلْ قُلُوبُهُمْ التي قد جبلت وعاء وظرفا للايمان والتصديق فِي غَمْرَةٍ غطاء وغشاء مِنْ هذا الطريق الذي يترتب عليه الفلاح والفوز بالنجاح الا وهو طريق التوحيد والتصديق وَمع ذلك لَهُمْ أَعْمالٌ طالحة صادرة عنهم على مقتضى اهويتهم الفاسدة وآرائهم الباطلة مِنْ دُونِ ذلِكَ الأمر الذي نأمر به عبادنا على السنة رسلنا هُمْ لَها عامِلُونَ وإليها متوجهون مائلون وعن طريق الحق وسبيل التوحيد ناكبون منصرفون
وهم قد صاروا عليها مصرين حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ وانتقمنا من متنعميهم بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ يستغيثون منا وبالجملة هم في الراحة والرخاء عنا غافلون وإذا أخذناهم بالبلاء والعناء فاجؤا الى الاستغاثة والاستعانة منا مصرخين إلينا متضرعين نحونا لذلك يقال لهم من قبلنا تهكما واستهزاء ردا وطردا
لا تَجْأَرُوا ايها المسرفون المفرطون ولا تستنصروا الْيَوْمَ منا حين حلول العذاب عليكم إِنَّكُمْ بسبب غفلتكم عنا وانكاركم علينا في وقت الراحة والرخاء مِنَّا لا تُنْصَرُونَ أصلا فاليوم لا ينفعكم دعاؤكم وصراخكم وكيف تستنصرون عنى ايها المسرفون اما تستحيون منى
إذ قَدْ كانَتْ آياتِي الدالة على عظمة ذاتى وعلو شأنى وشدة سطوتي وسلطاني تُتْلى عَلَيْكُمْ تليينا لقلوبكم وإصلاحا لعيوبكم فَكُنْتُمْ من شدة عتوكم واستكباركم عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ ترجعون رجوع القهقرى منصرفين من سماعها
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 572